عندما فقدت عذر.يتى
قالها زياد وهو يجلس على طاولة الطعام ويشرع في تناول طعامه إلا أن رنين جرس الباب أوقفه عن تناوله الطعام ... اتجه زياد نحو باب الشقة وفتحها متعجبا من الزائر الذي يأتي في وقت مبكر كهذا .. فوجئ برنا تقتحم الشقة وهي تهتف بصوت عالي : " هي فين ..؟!"
جذبها زياد من ذراعها هاتفا بها : " انتي بتعملي ايه ..؟!" أجابته وهي تضحك بسخرية : " جاية أبارك للعروسة .." ثم أكملت وهي تصيح بصوت عالي : " يا عروسة .. انتي فين ..؟!" خرجت زينة إليها وهي ترسم على شفتيها ابتسامة كبيرة وترتدي غلالة نوم قصيرة فوقها روب من الستان الأبيض .. " اهلا يا رنا ... " توجهت رنا نحوها وقالت بتهكم :
" ولابسة قميص نوم كمان وبتحتفلي .." وقف زياد حائلا بينهما وقال بحزم : " مش وقت الكلام ده يا رنا .. روحي حالا ..." عقدت رنا ذراعيها أمام صدرها وقالت بعناد :
" مش هروح ، انا جايز أبارك للعروسة وأديها هديتها .." أبعدت زينة زياد من أمامها واقتربت من رنا تقول : " ميرسي يا رنا ربنا يخليكي .." " مش عايزة تعرفي إيه هديتك يا عروسة ..؟!"
نظرت إليها زينة بصمت بينما قالت رنا بجدية وهي تخرج ورقة بيضاء من حقيبتها وترميها عليها : " دي نسخة من شهادة وفاة عالي ، قلت تخليها عندك للذكرى .." الفصلين السابع والثامن عشر كان عليها أن تتماسك في هذه اللحظة .. أن تخبئ ذلك الألم الذي ينخر قلبها وتجاهد كي تظهر لا مبالاتها ،لن تكسرها رنا ولن تحقق غايتها في النيل منها وتحطيمها أماميهما ..
هي ليست زينة القديمة كي تنهار أماميهما وتبدأ في البكاء والعويل .. هي الأن إنسانة أخرى تعرف كيف تسيطر على مشاعرها وتحركها وفقا لرغباتها . " انتي ايه اللي بتعمليه ده .؟!
" قالها زياد قاطعا هذا الصمت الطويل مزمجرا بها بضيق لترد رنا وهي تهز كتفيها بلا مبالاة : " جايه أبارك للعروسة وأفكرها بجوزها الأولاني اللي قت-لته ...
" كاد زياد أن يتحدث إلا أنه فوجئ بزينة تسبقه وتهتف ببرود أعصاب
غريب وهي تأخذ شهادة الوفاة من يد رنا : " ميرسي عالهدية يا رنا .. ميرسي اوري .." ثم أكملت وهي ترسم إبتسامة مصطنعة على شفتيها : " تحبي تشربي ايه ..؟!"
رمقتها رنا بنظرات مشتعلة ثم حملت نفسها وخرجت من الشقة ليلتفت زياد نحو زينة ناظرا الى قناع الجمود الذي ترتديه أمامه بحيرة ... تحركت زينة مسرعة الى داخل
غرفتها وأغلقت الباب خلفها بعنف لا إرادي .... أخذت تتطلع الى شهادة الوفاة بعينين حزينتين قبل أن تنفجر في البكاء بصوت منخفض وهي تجاهد كي تخفي شهقاتها حتى لا يسمعها زياد ..
استمرت في بكائها لفترة طويلة .. تبكي حظها العاثر وروحها الممزقة وقلبها المتعذب .. كان بكائها نابع من أعماقها .. اخر ما تصورته يوما أن تكون هذه نتيجة فعلتها البريئة والعفوية ..
نتيجة كذبها على علي .. كلا هي لم تظن أن كل هذا سيحدث وأن علي سيمو-ت قهرا بسببها لكن القدر كان له رأيا أخرا ....
جلست على سريرها وهي تخبئ شهقاتها بينما تتأمل بعينيها اسم علي وتاريخ وفاته قبل أن تنهار باكية مرة أخرى .. دلفت رنا الى منزلها وهي في قمة غضبها وقبل أن ترتقي السلم متجهة الى الطابق العلوي حيث غرفتها وجدت والدتها تنادي عليها فتوقفت في
مكانها واستدارت نحو والدتها التي سألتها بينما تلاحظ وجه ابنتها الغاضب وعينيها الناريتين : " فيه ايه يا رنا ..؟! مالك جاية متعصبة من بره ايه ..؟! حصل حاجة دايقتك ..؟!
" " زياد .." قالتها رنا يخفون لتسألها والدتها بقلق : " ماله زياد ..؟! اتكلمي .. جراله حاجة .. ؟!" تمتمت رنا بنفس الخفوت : " زياد اتجوز زينة يا ماما .." صر-خت الأم بلا وعي :
" ايه ..؟! انتي بتقولي ايه ..؟!" أومأت رنا برأسها بينما أكملت الأم بعدم تصديق : " ازاي يعني إتحوزها .. ده اكيد اتجنن .." ثم قالت وهي تنظر الى رنا : " وانتي عرفتي منين الكلام ده ..؟!"
أجابتها رنا بجمود : " من منتصر ، رحت الشركة وشفته هناك وحكالي اللي حصل ، تخيلي منتصر كان شاهد على عقد جوازهم ..!٠ كانت رنا تتحدث بصد@مة شديدة فكيف يفعل منتصر شيء كهذا بالرغم من تركهما لبعض .. قالت الأم غير مستوعبة بعد لما سمعته :
" انا مش مصدقة اللي بسمعه ، ازاي كلهم بقوا معاها ..؟! هو مين اللي غلط ...؟!" في نفس اللحظة دلف الأب الى الداخل ليسألهما بقلق من منظرهما المضطرب : " مالكم واقفين كده ليه ...؟!" أجابته رنا بتوتر : " مفيش يا بابا ، بنتكلم شوية .." " لا فيه ، ابنك