رواية جواد رابح
كادت تترجاها لتقابله لتصمت متلمسة الصواب بما تفعل شقيقتها، فخطأھ بحقها لا يغتفر وعليه أن يتقبل من صهباء أي شيء حتى لو كان نبذًا.
لتهمس جيداء بضمېرها: السيد فضل يستحق.
_ كيف حالك الأن يا عمي؟
تمتم الرجل بسماحة. وجه: الحمد لله على الابتلاء يا ولدي، كله خيرًا من رب العالمين.
ربت فضل علي كتفه: زادك الله حمدا وشكر، مسألة وقت وتتعافي بإذن الله.
_ شكرا لك، تناول قهوتك قبل أن تبرد.
ارتشفها فضل بتمهل وخاطره مشغولا بها، ألن تأتي لترحب به؟ سيجن إن لم يراها، كما يود مواساتها ولو بنظرة، رمق جيداء بتساؤل صامت أدركته، فهزت رأسها نفيًا بأسف ليدرك أن صهباء قررت حرمانه من رؤيتها، أعتصر قلبه غصة كآبة، وبعد قلېل انسحب من بينهم راجيًا السلامة لأبيها.
وصل لسيارته المرصوفة أسفل بنايتها، ليرفع وجهه نحو شرفتها فيراها تقف شاردة لم تنتبه لوقوفه بعد، وجهها يغبره حزن كبير، كم أساءه أنه سبب حزنها الوحيد، ظل يطالعها يرتوي من محياها الذي اشتاقه لتحين منها التفاتة فتلتقي أحداقهما بنظرة مطولة، فها هي تبدلت الأدوار ودارت الدوائر ليقف نفس وقفتها، نظرتها له كأنها كانت تذكره بموقف مماثل حين ذهبت إليه ووقفت كما يقف هو الأن تحت شرفتها تترجي منه تفسيرا ۏدموعها تزحف فوق خديها، ليكون جوابه نظرة إهانة واحټقار لها وقسۏة لم تختبرها يومًا، بينما فاضت عيناه بجُل ندم واعتذار لها علي ما أقترفه، كما رسل لها لهفته عليها، ليراها تتراجع وتغلق ضلفتي شرفتها الكبيرة بوجهه، وأخر ما التقطته عيناه نظرتها العاتبة التي جلدته فألمته، ليطرق رأسه پحزن شديد ومن ثَمَ رحل، والعزم يملأه ألا ييأس حتى تعفو عنه، فإن كان ثأرها منه وإيلامه سوف يريحها، فلتفعل به ما تشاء، فقط تمنحه بعدها صك غفرانها لتعود للحياة بهجتها بقلبه.